وقد أرسله الله إلى أهل مدين (ويعرفون أيضاً بأصحاب الأيكة، وهي: غيضة تُنبِتُ ناعمَ الشجر كانت لهم)، ويرى بعض المفسرين أن أصحاب الأيكة قوم آخرون غير أهل مدين، أرسله الله إليهم بعد إهلاك أهل مدين، وكانوا يسكنون بقرب مدين، فدعاهم إلى الله فكذبوه، فأخذهم عذاب يوم الظلة. والله أعلم.
وقد ذكر الله شعيباً عليه السلام في عداد مجموعة الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام، وقال تعالى: {وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ قَدْ جَاءتكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءهُمْ وَلا تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ} [الأعراف: 85].
ويعرف بخطيب الأنبياء لحُسْن بيانه وقوّة حجّته.
* أهل مدين ومساكنهم:
كان أهل مدين قوماً عرباً يسكنون في بلاد الحجاز مما يلي جهة الشام، وهي أرض واقعة حول خليج العقبة من طرف نهايته الشمالية شمالي الحجاز وجنوب فلسطين. ويظهر أنها في الأرض المسماة الآن: (معان)، أو على قرب منها.
وفي الطبري: عن سعيد بن جبير أن ما بين مصر ومدين ثماني ليال.
وأهل مدين: قبيلة تنسب إلى مدين بن إبراهيم عليه السلام من زوجته (قطورة) التي تزوجها بعد موت سارة، ويسميه أهل الكتاب (مديان) كما سبق عند الكلام على سيدنا إبراهيم. والظاهر أن هؤلاء القوم كانوا قوماً عرباً جاء إليهم مدين بن إبراهيم وصاهرهم وعاش بينهم، وصار له فيهم رهط وأسرة، ولذلك سماهم الله أهل مدين نسبة إليه. والله أعلم.
* نسب شعيب عليه السلام:
قال أبو البقاء في كلياته: "شعيب عليه السلام هو ابن ميكيل بن يشجر بن مدين بن إبراهيم الخليل". وقيل غير ذلك في نسبه.
قالوا: وأمه بنت لوط عليه السلام. والله أعلم.
* حياة شعيب مع قومه في فقرات:
1- لم يَطُل بأهل مدين العهد حتى هجروا دينهم الذي كانوا ورثوه عن إبراهيم عليه السلام، ودخلت فيهم الوثنية فكفروا بالله وعبدوا غيره، وانحرفوا عن الصراط السوي، فكان من سيئاتهم: التطفيف في الكيل والوزن، وبخس الناس أشياءهم في تجاراتهم، والفساد في الأرض.
2- فأرسل الله إليهم شعيباً رسولاً منهم يتصل نسبه من جهة آبائه بإبراهيم عليه السلام، فدعاهم إلى الله بمثل دعوة الرسل، وأمرهم بالعدل، ونهاهم عن الظلم، وجاءهم ببينة من ربه، وذكرهم بنعمة الله عليهم، إذ كثّرهم من قلة، وأغناهم من فقر، فآمن به قليل منهم وكذبه الأكثرون.
وكان خطيباً حسن البيان قويّ الحجّة، ويذكر المفسرون أنه خطيب الأنبياء، وروي في ذلك حديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم، رواه ابن إسحاق عن ابن عباس.
3- ولمَّا ألح عليهم شعيب عليه السلام في الدعوة والموعظة قالوا له - {وَاسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ}.
4- ثم هدَّدوه وتوعدوه بإخراجه من قريتهم هو والذين آمنوا معه إلا أن يعود في ملتهم، وهيهات لرسول أن يستجيب لدعوة الكفر وهو يدعو إلى الإِيمان!!
5- ولقد أنذرهم عقاب الله فقال لهم - {وَيَا قَوْمِ لا يَجْرِمَنَّكُمْ شِقَاقِي أَنْ يُصِيبَكُمْ مِثْلُ مَا أَصَابَ قَوْمَ نُوحٍ أَوْ قَوْمَ هُودٍ أَوْ قَوْمَ صَالِحٍ وَمَا قَوْمُ لُوطٍ مِنْكُمْ بِبَعِيدٍ} [هود: 89].
6- وعلى الرغم من كل النصائح والمواعظ والإِنذارات، طلبوا منه- عناداً وجهلاً وسخرية وتحدياً - أن يُسقِط عليهم كسفاً "قطعاً" من السماء إن كان من الصادقين!!
7- فاستنصر شعيب بربه، فحقت كلمة الله بالعذاب على من كفر من قومه، فأهلكهم الله بالصيحة رافقتها الرجفة في يوم الظلة، وذلك يوم اشتدت فيه الحرارة شدة لا تطاق، فأرسل الله سحابة ففزعوا إليها فراراً من شدة الحر، فلما تكامل عدد أهل الكفر في ظلها، تزلزلت بهم الأرض، وصدمتهم صيحة السماء، فأصبحوا في ديارهم جاثمين كأن لم يَغْنَوا فيها!!
8- ونجى الله شعيباً والذين آمنوا معه برحمته.
9- ليس عند المؤرخين تحديد للزمن الذي عاش فيه شعيب عليه السلام، ومن المحقَّق أن دعوته لقومه كانت بعد لوط بزمن غير بعيد، لقوله لقومه -كما قص القرآن المجيد في سورة(هود)-: {وما قوم لوط منكم ببعيد}، وأنها كانت قبل موسى لقوله تعالى -عقب الحديث عن عدد من الرسل ومنهم شعيب- {ثُمَّ بَعَثْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ مُوسَى بِآيَاتِنَا إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَظَلَمُوا بِهَا فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ}.
ويغلب على الظن أن أحداث إهلاك قومه كانت بعد انتقال بني إسرائيل إلى مصر وفي المدّة الواقعة بين وفاة يوسف ونشأة موسى عليهما السلام. والله أعلم.
10- وقد أوجز القرآن الكريم قصة شعيب مع قومه في عدة سور، وأهم ما جاء فيها النقاط التالية:
(أ) إثبات نبوته ورسالته إلى أهل مدين وأصحاب الأيكة.
وهل هما قوم أو قومان؟
للمفسرين في ذلك رأيان، الأرجح أنهما اسمان لمسمى واحد. والله أعلم.
(ب) وصف قومه بالكفر وفعل السيئات التي منها: التطفيف والبخس، والإفساد في الأرض.
لقاؤه بموسى وزواج موسى من بنته على أن يأجره ثمان حجج.
(جـ) دعوته لقومه، وصبره عليهم، وإنذاره لهم.
(د) إهلاك الله لقومه، ونجاته هو والذين آمنوا معه برحمة من الله وفضل.
وقد ذكر الله شعيباً عليه السلام في عداد مجموعة الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام، وقال تعالى: {وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ قَدْ جَاءتكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءهُمْ وَلا تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ} [الأعراف: 85].
ويعرف بخطيب الأنبياء لحُسْن بيانه وقوّة حجّته.
* أهل مدين ومساكنهم:
كان أهل مدين قوماً عرباً يسكنون في بلاد الحجاز مما يلي جهة الشام، وهي أرض واقعة حول خليج العقبة من طرف نهايته الشمالية شمالي الحجاز وجنوب فلسطين. ويظهر أنها في الأرض المسماة الآن: (معان)، أو على قرب منها.
وفي الطبري: عن سعيد بن جبير أن ما بين مصر ومدين ثماني ليال.
وأهل مدين: قبيلة تنسب إلى مدين بن إبراهيم عليه السلام من زوجته (قطورة) التي تزوجها بعد موت سارة، ويسميه أهل الكتاب (مديان) كما سبق عند الكلام على سيدنا إبراهيم. والظاهر أن هؤلاء القوم كانوا قوماً عرباً جاء إليهم مدين بن إبراهيم وصاهرهم وعاش بينهم، وصار له فيهم رهط وأسرة، ولذلك سماهم الله أهل مدين نسبة إليه. والله أعلم.
* نسب شعيب عليه السلام:
قال أبو البقاء في كلياته: "شعيب عليه السلام هو ابن ميكيل بن يشجر بن مدين بن إبراهيم الخليل". وقيل غير ذلك في نسبه.
قالوا: وأمه بنت لوط عليه السلام. والله أعلم.
* حياة شعيب مع قومه في فقرات:
1- لم يَطُل بأهل مدين العهد حتى هجروا دينهم الذي كانوا ورثوه عن إبراهيم عليه السلام، ودخلت فيهم الوثنية فكفروا بالله وعبدوا غيره، وانحرفوا عن الصراط السوي، فكان من سيئاتهم: التطفيف في الكيل والوزن، وبخس الناس أشياءهم في تجاراتهم، والفساد في الأرض.
2- فأرسل الله إليهم شعيباً رسولاً منهم يتصل نسبه من جهة آبائه بإبراهيم عليه السلام، فدعاهم إلى الله بمثل دعوة الرسل، وأمرهم بالعدل، ونهاهم عن الظلم، وجاءهم ببينة من ربه، وذكرهم بنعمة الله عليهم، إذ كثّرهم من قلة، وأغناهم من فقر، فآمن به قليل منهم وكذبه الأكثرون.
وكان خطيباً حسن البيان قويّ الحجّة، ويذكر المفسرون أنه خطيب الأنبياء، وروي في ذلك حديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم، رواه ابن إسحاق عن ابن عباس.
3- ولمَّا ألح عليهم شعيب عليه السلام في الدعوة والموعظة قالوا له - {وَاسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ}.
4- ثم هدَّدوه وتوعدوه بإخراجه من قريتهم هو والذين آمنوا معه إلا أن يعود في ملتهم، وهيهات لرسول أن يستجيب لدعوة الكفر وهو يدعو إلى الإِيمان!!
5- ولقد أنذرهم عقاب الله فقال لهم - {وَيَا قَوْمِ لا يَجْرِمَنَّكُمْ شِقَاقِي أَنْ يُصِيبَكُمْ مِثْلُ مَا أَصَابَ قَوْمَ نُوحٍ أَوْ قَوْمَ هُودٍ أَوْ قَوْمَ صَالِحٍ وَمَا قَوْمُ لُوطٍ مِنْكُمْ بِبَعِيدٍ} [هود: 89].
6- وعلى الرغم من كل النصائح والمواعظ والإِنذارات، طلبوا منه- عناداً وجهلاً وسخرية وتحدياً - أن يُسقِط عليهم كسفاً "قطعاً" من السماء إن كان من الصادقين!!
7- فاستنصر شعيب بربه، فحقت كلمة الله بالعذاب على من كفر من قومه، فأهلكهم الله بالصيحة رافقتها الرجفة في يوم الظلة، وذلك يوم اشتدت فيه الحرارة شدة لا تطاق، فأرسل الله سحابة ففزعوا إليها فراراً من شدة الحر، فلما تكامل عدد أهل الكفر في ظلها، تزلزلت بهم الأرض، وصدمتهم صيحة السماء، فأصبحوا في ديارهم جاثمين كأن لم يَغْنَوا فيها!!
8- ونجى الله شعيباً والذين آمنوا معه برحمته.
9- ليس عند المؤرخين تحديد للزمن الذي عاش فيه شعيب عليه السلام، ومن المحقَّق أن دعوته لقومه كانت بعد لوط بزمن غير بعيد، لقوله لقومه -كما قص القرآن المجيد في سورة(هود)-: {وما قوم لوط منكم ببعيد}، وأنها كانت قبل موسى لقوله تعالى -عقب الحديث عن عدد من الرسل ومنهم شعيب- {ثُمَّ بَعَثْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ مُوسَى بِآيَاتِنَا إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَظَلَمُوا بِهَا فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ}.
ويغلب على الظن أن أحداث إهلاك قومه كانت بعد انتقال بني إسرائيل إلى مصر وفي المدّة الواقعة بين وفاة يوسف ونشأة موسى عليهما السلام. والله أعلم.
10- وقد أوجز القرآن الكريم قصة شعيب مع قومه في عدة سور، وأهم ما جاء فيها النقاط التالية:
(أ) إثبات نبوته ورسالته إلى أهل مدين وأصحاب الأيكة.
وهل هما قوم أو قومان؟
للمفسرين في ذلك رأيان، الأرجح أنهما اسمان لمسمى واحد. والله أعلم.
(ب) وصف قومه بالكفر وفعل السيئات التي منها: التطفيف والبخس، والإفساد في الأرض.
لقاؤه بموسى وزواج موسى من بنته على أن يأجره ثمان حجج.
(جـ) دعوته لقومه، وصبره عليهم، وإنذاره لهم.
(د) إهلاك الله لقومه، ونجاته هو والذين آمنوا معه برحمة من الله وفضل.